الأربعاء، أكتوبر 17، 2007

قرأت لك هذا التحليل لما نشرته حكومتنا الرشيدة من دعاية أنها قد حققت المركز الأول على مستوى العالم في الإصلاح الاقتصادي لهذا العام. التحليل لمحلل لامع و اسم معروف نشره في موقع و إيلاف و هو يقدم انعكاساً حقيقياً للصورة المأساوية التي عليها الوضع الحالي.


أقرأ معي:

تصدرت مصر الإنباء مؤخرا مع نشر تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2008 الصادر عن البنك الدولي (موقع:www.doingbusiness.org )، على اعتبارها الدولة التي قامت بأكبر عدد من الإصلاحات علي مستوي العالم. لكن هذا لا يعني الكثير بالنسبة لبيئة الأعمال في مصر و مدى قدرتها على جلب المستثمرين المواطنين و الأجانب على حد سواء، إذ تأتي مصر في المرتبة 126 عالميا في مؤشر سهولة مزاولة الأعمال، رغم كل الإصلاحات و التحسن الحاصل مقارنة مع الفترة السابقة، متخلفة بكثير عن دول المنطقة مثل المملكة العربية السعودية (23)، إسرائيل (29)، الكويت (40) و عمان (49(


يعتمد هذا الترتيب علي 10 مؤشرات فرعية، جاء فيها ترتيب مصر في المرتبة 55 بخصوص البدء في مزاولة الأعمال، المرتبة 163 في شان تعقيد إجراءات التراخيص، المرتبة 108 في شان إجراءات تشغيل العمالة، المرتبة 101 في شان تسجيل الملكية، المرتبة 115 في شان الحصول على التمويل اللازم، المرتبة 83 في شان حماية المستثمر، المرتبة 150 في مجال الضرائب، المرتبة 26 في مجال تصدير و توريد البضائع، المرتبة 145 في مجال تنفيذ العقود، و المرتبة 125 في شان غلق المشروع في حالة الإفلاس. و يعني هذا أن مصر مازالت تتخلف كثيرا في تسهيل إجراءات الأعمال اللازمة لتشجيع الاستثمار و تحسين تنافسية الاقتصاد المصري، و من ثم توفير حظوظ أفضل للعاطلين عن العمل.


من أهم نقاط الضعف في مصر حسب المقارنة المنشورة في تقرير البنك الدولي، ضرورة حصول المستثمر المصري على 28 ترخيصا مقابل 19 كمعدل في منطقة الشرق الأوسط و 14 معدل الدول المتقدمة، مما يتطلب انتظار 475 يوما، مقبل 201 معدل المنطقة و 153 معدل الدول المتقدمة. كما تواجه المؤسسات صعوبات في التخلص من العمالة الزائدة حيث تحصل مصر على علامة 60 مقابل 31 معدل المنطقة و 28 في الدول المتقدمة.

و يتطلب تسجيل الملكية 193 يوما في مصر، مقابل 48 معدل المنطقة و 28 معدل الدول المتقدمة.

كما أن القوانين المعمول بها في مصر لا تسهل الحصول على التمويلات اللازمة، إذ تحصل مصر على علامة 1 من 10، مقارنة بــ 3،7 معدل المنطقة و 6،4 معدل الدول المتقدمة.

بالرغم من تخفيض الضرائب، مازالت الإجراءات معقدة، كما أن مساهمة المؤسسة في الضرائب تقارب 29% و هي أعلى من معدل المنطقة (16%). و يتطلب تصدير و توريد البضائع عبر الموانئ 15 يوما في مصر، مقارنة بمعدل 10 أيام في الدول المتقدمة.

و يتطلب حل المنازعات التجارية مجموع 1010 يوما في مصر، مقابل 699 يوما معدل المنطقة و 443 يوما معدل الدول المتقدمة. أما في حال الإفلاس، و هذه حالة طبيعية في اقتصاد تنافسي، يتطلب غلق المشروع 2,4 سنة مقابل 1,3 سنة فقط في الدول المتقدمة.

يعني هذا الترتيب المتأخر إن الإصلاحات الجزئية التي قامت بها حكومة احمد نظيف خلال السنتين الماضيتين لم تعد كافية لمواجهة التحديات التي يواجهها قطاع الأعمال في مصر مع اشتداد المنافسة العالمية خصوصا من الأسواق الناشئة مثل الصين و الهند. و يفسر هذا الترتيب 65 لمصر في مؤشر التنافسية العالمي الصادر عن منتدى دافوس الاقتصادي السنة الماضية، مقارنة بالمرتبة 30 لتونس و المرتبة 52 للأردن و المرتبة 59 لتركيا. مما يتطلب إصلاحات مصرية اشمل على مستوى السياسات و المؤسسات.

كاتب المقال: منير حداد - محلل إيلاف الاقتصادي و خبير سابق بصندوق النقد الدولي بواشنطن

و صدق المتنبى إذ قال

و كم ذا بمصر من المضحكات ... و لكنه ضحكٌ كالبكا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق