الأربعاء، مايو 29، 2019

لماذا تعد مشاركة النساء حيوية لنجاح مشاريع المياه - أو فشلها


April 25, 2019

لماذا تعد مشاركة النساء حيوية لنجاح مشاريع المياه - أو فشلها

باحث زائر، بمدرسة الكيمياء جامعة جنوب أفريقيا
ترجمه إلى العربية: د/ أشرف خليفة
باحث في الموارد الطبيعية وعلوم الأراضي والمياه – جامعة جريفيث -كوينزلاند استراليا.

عندما نفكر في موضوع إدارة المياه water management، فإن اعتبار الجنس gender ربما يكون آخر ما يخطر على بال الناس.  لكن في الحقيقة فإن العملية الكلية لإدارة المياه (اختيار التقنيات المستخدمة - صنع واتخاذ القرار - التطبيق العملي للمشروع - المخاطر والفوائد المتوقعة) تكون مرتبطة بجنس المستفدين من المشروع.
فنحن نعرف أن الرجال والنساء يميلون إلى اتخاذ أولويات ومتطلبات مختلفة عندما يتعلق الأمر بالمياه. وكمثال، فإن النساء يفضلن وجود مصدر المياه للاستخدام المنزلي والري الزراعي بالقرب من منازلهن، حيث يمكنهم ذلك من تقسيم أوقاتهم بكفاءة بين أعمالهم الانتاجية ومسئولياتهم تجاه أعمالهم المنزلية. أما الرجال فهم -عادة- أكثر قابلية للحركة، ولذا فإن موقع أو مكان مصدر المياه أقل أهمية بالنسبة لهم.
والنساء أيضاً عادة ما يحملن مسئولية الإنتاج الزراعي للقوت اليومي  للأسرة في أفريقيا، أما الرجال فإنهم غالباً ما يرتبطون بالإنتاج الزراعي للأغراض التجارية، وهذا يعني أن لهم احتياجات مختلفة فيما يتعلق بإمدادات المياه وسبل إدارتها.
وفي معظم الدول الإفريقية، تحمل النساء والفتيات مسئولية إيجاد وجلب المياه، ويترك لهم ذلك وقتاً أقل من أجل تحسين حياتهن من خلال التعليم والعمل، وهذا ما يجعل دائرة الفقر تستمر في أفريقيا.
إن دور المرأة في عمليات إدارة المياه لا تقتصر فقط على الاستعمالات المنزلية، فالنساء أيضاً لهن دور مهم -وإن كان عادة غير واضح للعيان- الاستخدامات الاقتصادية للمياه، والتي تشمل الزراعة وصيد الأسماك ورعي الماشية. ووفقاً لإحصائيات منظمة الزراعة والغذاء (الفاو) فإن النساء يرجع لهن الفضل في نصف الإنتاج العالمي من الغذاء، وفي أفريقيا تمثل النساء نسبة 43% من القوى العاملة الزراعية، وينتجن ما يقارب 80% من مجمل الغذاء الذي تنتجه القارة. 
إن العلاقة بين الناس والمياه ليست حيادية الجنس gender-neutral ، وهناك العديد من الأدلة المتزايدة والتي تشير إلى فوائد دمج مواضيع الاختلافات الجنسية في مخططات إدارة المياه.   إن أي سياسات وتداخلات حول إدارة المياه يمكن فقط أن تنجح إذا ما تم أخذ النساء في الحسبان إلى جانب الرجال في أي شأن يخص إدارة المياه.

دور النساء:

تقليدياً تعد النساء مسئولات عن إدارة وصيانة مصادر المياه المجتمعية،  ويعد هذا أمراً سائداً في العديد من المجتمعات الإفريقية، حيث تنظم النساء وتتحكم في استعمال وصيانة الموارد المائية. وكمثال، فإنهن يحددن مصادر المياة التي تخصص للماشية في مواقع معينة، كما يحددن مواقع غسل الملابس والآنية المنزلية في مواقع محددة تقع غالباً في نهايات مجرى النهر.
كما تقوم النساء بحمل مسئولية إيجاد الحلول والبدائل، وحل المشاكل المتعلقة بالمياه وإمدادات الغذاء.  وعندما يقل المحصول نتيجة إجهاد التربة الزراعية، فإن النساء هن من يقمن بتعديل الممارسات الزراعية للتغلب على هذه المشاكل، وهن يطورن استراتيجيات بديلة للاستجابة لفقد خصوبة التربة وإنجرافها.
كما تتولي النساء التفاوض مع الجيران للوصول إلى مصادر المياه وتوزيعها بصورة عادلة، فهن يقمن بتقييم مصادر المياه، وتحليل أنماط الإمداد والإستهلاك، وكذا الضغط على السلطات المختصة، بل وتنظيم المظاهرات عندما يشعرن بالخطر من انعدام القدرة على الوصول للمياه،
إلا أن هذه المهام جميعها ليست جزءاً من التنظيم الرسمي المعترف به،  وهو ما يعني أن النساء لا يستطعن الانغماس في المناقشات مع الحكومات حول مصادر المياه المختلفة، وكذلك فهن لا يستطعن أن يشاركوا في التخطيط الاستراتيجي وصنع القرارات المتعلقة بالسياسات المائية.
إن ما يحدث بالفعل يمثل خطأ فادحاً، فمن خلال العمل غير الرسمي الذي تضطلع به النساء في موضوعات إدارة المياه، تكتسب النسوة معارف خاصة وخبرات ومهارات مهمة في هذا المجال.   ولذا يعتبر تجاهل مشاريع المياه لدور النساء المركزي في موضوع إدارة المياه -واستبعادهن من دائرة صنع القرار- خطأ فادحاً، ليس فقط لأنه يتجاهل رأي نصف تعداد السكان، ولكنه أيضاً يقلل من كفاءة وفاعلية واستدامة هذه المشاريع.

قصص نجاح:

قدم مشروع للبنك الدولي في ريف المغرب وصولاً سهلاً للمياه النظيفة، مما قلل وبصورة دراماتيكية من الوقت الذي تقضيه النساء والفتيات في جلب المياه،  وقد أدى ذلك إلى زيادة حضور الفتيات للمدرسة بمعدل 20%. وقد أظهرت دراسة أخرى بدولة تنزانيا زيادة بنسبة 12% في حضور الفتيات للمدرسة عندما توافر مصدر للمياه النظيفة على مسافة 15 دقيقة، مقارنة بنسبة حضور الفتيات للمدرسة عندما كانت مصدر المياه على مسافة مسيرة نصف ساعة. 
وفي بوركينافاسو، أدت مشاركة النساء إلى زيادة ملموسة في نجاح مشروعات المياه، حيث وجد المسئولون أن النساء لديهن معلومات ومعرفة بموارد المياه التقليدية ودورتها السنوية ومدى موثوقية الاعتماد عليها لمختلف الأغراض، لا تتوافر لدي زعماء القرى والرجال حتى المسنون منهم.
ولقد غير ذلك من الحدود المجتمعية المفترضة،  حيث بزغ تحدي للنظرة الذكورية نحو قدرات المرأة، وتسلحت المرأة بمهارات وقدرات جديدة مكنتها من أن تخطو بعيداً عن الأدوار المقولبة المعتادة لها.
ولقد كان مشروع (مستجمعات المياه والجنس The Watershed and Gender) في السلفادور خير مثال على ذلك.  حيث تم تدريب النساء وتعليمهم مهارات جديدةـ وتم توظيفهم في شركات صغيرة لها علاقة بمشروعات المياه. حيث تم تجهيزهم بمعارف تقنية زراعية، وقاموا بإنجاز مهام كانت تعتبر في السابق مناسبة للرجال فقط. وفي قرية هوتو Hoto في باكستان، تحقق نجاح كبير في مشروعات مائية عندما تم تبني حلول اقترحتها نساء القرية. وقد شجع ذلك النساء على أن يصبحوا مشاركات نشطات في صنع القرار، وقاد لتغيرات معنوية في حياتهم مثل فتح مدارس جديدة للفتيات.

المساواة:

كل هذه الأمثلة أظهرت أن تساوي مشاركة النساء والرجال في عملية اتخاذ القرارات حول المياه، فإن القرارات والحلول تكون أكثر تمثيلاً لاحتياجات مجمل المجتمع.
ويجب أن تولي المزيد من مشروعات إدارة المياه المزيد من الاهتمام بموضوع الجنس، والدور الهام للغاية الذي يمكن أن تلعبه النساء في نجاح أو فشل مشروعات المياه.

المصدر:
Why women’s involvement is so vital to water projects’ success – or failure.